التخصصات المطلوبة في سوق العمل
د.عادل الصبيح
الكويت
﷽
رغم أن الاهتمام السياسي عند الطلبة يطغى على ما سواه، الا أن مستقبلهم اهم من حيث معرفة بماذا يستعدون لحسن صناعته.
قديما كان التعليم مجرد القدرة على القراءة و الكتابة ثم دخلت عليها مهارة الحساب. ثم في منتصف القرن التاسع عشر زاد العلم و تقسّم إلى تخصصات كالهندسة و الادارة و المحاسبة… و غيرها. ثم توسع محتوى التخصص الواحد بدرجة لا تسعه السنين الاربع للدراسة الجامعية، فنشأ التخصص الدقيق في كل تخصص. ثم تداخلت التخصصات ليكوٌن تخصص آخر كتداخل الهندسة الميكانيكية مع الطب ليكوّن "Biomedical Engineering" مثلا و أمثال ذلك كثير. كما تداخلت في أدوات حل المسائل الصعبة باستخدام ال "Analogy" كتحويل المسألة الميكانيكية الى كهربائية فتحل كهربائيا ثم تحول إلى ميكانيكية. ثم تلا ذلك الحاجة لتداخل التخصصات مثل Multidisciplinary و transdisciplinary و Cross-disciplinary مما أكثر العلم و اصبح التخصص المسجل في الشهادة لا يعني الكثير على ماذا تعلم صاحبه.
تعاظم الطلب على الوظائف و تحولت الشهادة الجامعية من إثبات التعلم الى تصريح للحصول على الوظيفة بغض النظر عن المحتوى العلمي لصاحبها. فأقبل كثير من الناس على التعليم للحصول على الشهادة لا العلم، فنشأت أعداد كبيرة من الجامعات التجارية (و اقصد هنا متدنية المستوى) مهمتها تفريخ شهادات دون اهتمام بالمستوى الاكاديمي.
و من جانب اخر الجامعات الجيدة تخرج اكفاء مؤهلين وفق المعايير الحالية، لكن وفق المعايير المستقبلية الأمر مختلف. فمعظم ما تعلمته في الجامعة لن تجده في مجال العمل، و ستجد كثير من متطلبات العمل لم يمر عليك. و ستجد بعض التخصصات قد انقرض من سوق العمل تماما و تطلب مهارات لا يوجد بها تخصص أكاديمي.
التعليم بشكلٍ عام متأخر كثيرا عن سوق العمل و لا يتوافق معه إلا ببعض التخصصات التقليدية و التى بعضها شارف على الانقراض.
خلاصة الكلام ان التعليم الحالي ساء ام حسن سيكون بينه و بين متطلبات العمل المستقبلي هوة لن يردمها الا أساسيات التعليم الجامعي الجيد و بناء ثلاث قدرات اساسية:
١- القدرة على التعلم الذاتي من حيث معرفة ما تحتاج تعلمه، و كيف تتعلمه و من اين تتعلمه. و هي القدرة التي تجعلك قادر على تطوير نفسك بوقت قصير كلما احتجت ليواكب متطلبات العمل الفعلية و المتطورة.
٢- القدرة على التفكير غير النمطي، و القدرة على الابتكار و التمكن من وضع حلول متطورة تواكب حاجة العمل و التكنولوجيا المتاحة ومتابعة تطورها.
٣- العمل الجماعي في حسن الانقياد لقيادة العمل بتعاون و تفهم، و حسن التعاون مع اقرانك ممن هم في مستواك الوظيفي، و حسن القيادة و التوجيه لموظفيك ممن هم دونك وظيفيا.
بهذه القدرات ستكون مهيئ للتعلم الذاتي و الابداع و التطوير و العمل الجماعي، عندها ستكون قيمتك في قدراتك و ابداعك.