top of page

عالية فيصل الخالد

الكويت

Screenshot 2024-03-07 at 1.35.51 PM.png
x.png

معضلة الضريبة والاقتصاد

الضرائب هي التكاليف المالية المقررة على جميع المواطنين وعلى مستوى الدولة، دون ان يكون مقابلها خدمات معينة يتوجب على الدولة تأديتها. وهي لا تنشأ ولا تعدل ولا تلغى الا بقانون، ولا يعفى منها أحد الا بالحالات المحددة بالقانون – اي ان دور الحكومة يكون تنفيذي فقط ولا يجوز لها الإضافة او الإلغاء او التعديل عن طريق اللوائح بان تعطي تفسيرات ومعاني مختلفة عن حكم القانون. وقد قرر الدستور الكويتي مبادئ عامة يخضع لها فرض الضرائب والتكاليف العامة ومن أهمها إعطاء المجلس

السلطة الواسعة في مجال تشريعها، والسلطة الضيقة لصلاحيات الحكومة في شأنها. من اهم النصوص المنظمة لها هي:

- المادة ٢٤ التي تنص على ان العدالة الاجتماعية أساس الضرائب والتكاليف العامة. - المادة ٤٨ التي تنص على ان أداء الضرائب واجب عام على كل مواطن وفقا للقانون وينظم القانون اعفاء أصحاب

الدخول الصغيرة من الضرائب بما يكفل عدم المساس بالحد الأدنى اللازم للمعيشة.
- والمادة ١٣٤ التي تنص على ان انشاء الضرائب العامة وتعديلها والغاؤها لا يكون الا بقانون ولا يعفى أحد من

الضرائب كلها او بعضها في غير الاحوال المبينة في القانون. ولا يجوز تكليف أحد بأداء غير ذلك من الضرائب والرسوم والتكاليف العامة الا في حدود القانون.

ويكون ايراد الضرائب ايرادا للدولة، اي تدخل في خزينة الدولة العامة، ويمارس عليها المجلس رقابته من خلال قانون الميزانية والحساب الختامي السنويين. وهذا دلالة على سطوة المجلس على كل ما يخص الضرائب بوجه خاص والمراقبة المالية بوجه عام. وان الدستور قد اعطى المجلس صلاحيات أساسية في سن الضريبة من حيث الشكل والمحتوى والحدود، لان المجلس هو

من يضع القانون ويراقب تطبيقه. مقابل ذلك نجد ان وضع الدولة المالي سيء من حيث السيولة، تضخم الفساد واستشراؤه، الاعتماد على مصدر واحد للدخل وغيره من الأمور الداخلة في مصاريف وايرادات الدولة التي يراقبها المجلس. ومن ناحية اقتصادية، وكما هو معلوم، ان التدهور الاقتصادي لأي دولة يؤثر على عملتها، ونحن في الكويت عملتنا قوية بسبب ارتباطها بالمصدر الأوحد للدخل وهو النفط. لكن النفط – وفي اغلب الدراسات – هو عنصر منتهي ليس لنضوبه لكن بسبب ضعف الطلب المستقبلي عليه، خاصة مع ازدهار الطاقة البديلة. وهنا يتبادر سؤال عام لكنه مستحق للتفكر، مع كل الصلاحيات الدستورية المعطاة للمجلس، وكون المجلس منتخب من الشعب – اي يمثل الامة – كيف حصل هذا التدهور في الميزانية العامة للدولة على مضي عقود والتي نعاني منها اليوم؟ من ناحية أخرى كثير من المواطنين يرفضون الضريبة لأسباب بعيدة كل البعد عن المذكور أعلاه. واهم الأسباب التي تجعلهم يرفضونها هو:

- استشراء الفساد المتمثل بالسرقات المتكررة للمال العالم، مما أدى لانعدام الثقة بالحكومة. - ضعف الحالة المعيشية لبعض المواطنين التي اضطرتهم للاقتراض (ما يقارب ثلث الشعب مقترض)، وما حصل بها من اقحام للفوائد التراكمية (قروض بالونية، وهو الامر غير الصحيح) وبموافقة البنك المركزي، والذي أدى

كذلك لفقد الثقة بالإدارة الحكومية. - بالتعسف الحكومي الحاصل ضد أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة – وهو حقهم الدستوري الأصيل بالعمل

واختياره – يجعل فكرة الضرائب ابعد ما تكون للقبول.
بعد هذا السرد الموجز نجد أنفسنا امام معضلة متعارضة الابعاد بين الضريبة والاقتصاد. فاقتصاد الدولة يئن، والحكومة غير قادرة على استيفاء التزاماتها، والصناديق السيادية مهددة بالمساس السلبي، والشعب غير واثق ومثقل بالتزاماته المالية، وبيئة العمل بالدولة متهالكة ومتخمة بالفساد والواسطات والمحسوبيات. كما يوجد حكومة تصم اذنها عن كل ما لا يعجبها، ومجلس لا يدرك اولياته ومنغمس في مصالحه الخاصة، لتكون الضحية هي الكويت وشعبها والاجيال القادمة. انا دائما أؤمن ان المال لا يصنع التقدم والتنمية، لكن الانسان هو الذي يصنعها ويستغل المال كأداة للتنمية الى جانب أدوات التحليل والتخطيط والتنفيذ. لذلك أقول ان الإصلاح المالي يبدأ من المجلس، وكل الخوف من مجلس لا يدرك بشكل حقيقي مصالح الشعب والدولة ومستقبلها ولا يكونون على سلم أولوياته. فالحكومة – حسب الواقع الدستوري – هي منفذ دون صلاحيات، وعليه تكون كل الملامة على المجلس صاحب الصلاحيات. نحتاج اليوم الى رؤية اقتصادية للكويت تظهر من رحم المجلس وليس من السلطة التنفيذية، لتجمع بين ثناياها كل الابعاد سالفة الذكر وتعيد الثقة بالإدارة الحكومية، لان المجلس هو المسؤول عن رقابتها وهو من يضع نهج عملها.

bottom of page